JavaScript is not enabled!...Please enable javascript in your browser

جافا سكريبت غير ممكن! ... الرجاء تفعيل الجافا سكريبت في متصفحك.

Home

رمضان فرصة للتغيير

رمضان
رمضان فرصة للتغيير
الحمدُ لله ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد ، وعلى آله وصحبه أجمعين ..
ها هي نسائم رمضان تعودُ من جديد، ونفحاتُ الصيام تنشر فينا عبق التجديد، لنُحدِث في نفوسنا ثورةً على العادات والتقاليد، ولنصنع من رمضان فرصة للتغيير .

صنعةُ التغيير في النفس الإنسانية :

هذه النفس التي بين جَنبيك لا بد أن تتغير من نفس خاملةٍ كسولة إلى نفس حيّة نشطة، والحاملُ على هذا التغيير أن تقرأ القرآن بعقل مفتوح، وتتفرغ بكليتك للتدبر في معانية، لتملأ وقتك في رمضان كلَّه قرآناً .
ألا ما أجلّ ذاك العقل الحي الذي يستحضر القرآن كلّه في كلِّ ثلاثة أيام، ولسانُه لا يفتر عن تلاوة الآيات، والعقل يتدبر ، والنّفس تحيا حياة الكتاب العزيز، وما ذلك بعزيز على من فرَّغ من وقته في كلِّ يوم ثلاث ساعات فقط للقرآن تلاوة، واستماعاً ، وصلاةً ، وتعلّماً وتعليماً .
تُرى كم ينشط العقل من عقاله؟ وكم هو حجم النور الذي يشع على النفس التي يسري القرآن في عروقها وشراينيها !
هذه النّفس التي بين جَنبيك لا بد أن تتغير من نفس تألف كلّ لذيذ إلى نفس تأنف من لذائذ الدنيا وشهواتها ، والحاملُ على هذا التغيير أنك في نهار رمضان تنقطع عن الطعام والشراب وشتى ألوان المُتع، وهي من المباحات ، ولكنك تصوم عنها استجابة وطاعة للرحمن ، أولاتستطيعُ أن تنقطع عن عادات سيئة، وممارسات محرّمة ؟! رمضان ينمّي مهارات كامنة فيك، لتصنع تغييراً في سلوكك، في علاقاتك ، في أنماط تفكيرك ، لتتحول من حياه الهوى إلى حياةِ تلمس أهدابِ الهُدى .
هذه النفس التي بين جنبيك لا بد أن تتغيّر من نفس أسيرةٍ تكبِّلها الشهوات والنزوات إلى نفس حرّة لا يستعبدها شيء ، والحاملُ على هذا التغيير العامل النفسي ، فالمؤمن القوي لا تستعبده شهوة، ولا تستذلّه لقمة ، ولا تستخزيه لُعاعة من لعاعات الدنيا ، لأنَّ عبوديته لله حرّرته من كلِّ هذه الأغلال، فترى أنفه في السماء، وجبهته لله ساجدة.

أثر هذا التغيير :

هناك تحولات كبرى في رمضان تعين النّفس على التغيير ، فلا تغفل عنها ، أمَا خبرنا الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم أنه إذا دخل شهر رمضان: فُتّحت أبواب السماء، فُتحت أبواب الرحمة، غُلِّقت أبواب جهنم ، سُلسلت الشياطين ، وينادي منادٍ : يا باغي الخير أقبل، ويا باغي الشر أقصر .. هذه التحولات له أثرها على النفس الإنسانية للتتغير، فالصيام جُنَّة = وقاية = درع واقٍ = حماية وصيانة ، والصائم يضبط انفعالاته، ويتحكم بفِعاله وردات أفعاله ، فلا يُستفز ولا يَستفز أحداً ، فإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفت ، ولا يسخب ، فإن سابّه أحد أو قاتله فليقل : إني امرؤ صائم .
فليقل : يعني : ليُسمِعَ نفسه أنه صائم ، والصائمُ لا يميلُ مع الهوى؛ لأنه امتنع عن طعامه وشرابه مع مسيس الحاجة إليه فهو عن امتناعه عن الجهل والتسفل أقدر وأجدر.
فليقل إني امرؤ صائم : حتى يُسمِعَ ذاك الجاهل الذي يسبّ ويشتم في نهار رمضان بأن الصوم يمنعه من التسفل إلى هذه المهاترات اللاأخلاقية .
وهذه قوة نفسية هائلة لمن يعيش في أسواق الناس لا بد أن يتحلى بهذه القيمة الأخلاقية الراقية : فليقل إني امرؤ صائم .
يروي الإمام مسلم في صحيحه عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : قال رســـــــول الله صلى الله عليه وسلم: « ما من عبدٍ يصوم يوماً في سبيل الله إلا باعد الله بذاك اليوم وجهه عن نار جنهم سبعين خريفاً » .
هذا الأجرُ لمن صام صيام التغيير السلوكي المجتمعي، أما الذي صام عن طعام وشراب ولم يصم عن الجهل فليس بصائم ، وكذا مَن صام عن المفطرات الحسيّة ولم يصم عن المفطرات المعنوية كالغيبة والنميمة فليس بصائم ، لذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « مَن لم يدعْ قولَ الزور والعملَ به والجهلَ فليس لله حاجة أنْ يدع طعامه وشرابه » .

الصيام إرادة وإدارة :

رمضان يعطيك إرادة = قوة فولاذية، قوة تحكم هائلة ، قوة ذاتية ، لذا كانت أعظم فتوحات التاريخ الإسلامي في رمضان:
غزوة بدر الكبرى كانت في السابع عشر من رمضان .
فتح مكة كان في العاشر من رمضان .
معركة القادسية بقيادة سعد بن أبي وقاص كانت في رمضان .
فتح الأندلس بقيادة طارق بن زياد كانت في رمضان .
معركة عين جالوت بقيادة قطز كانت في رمضان .
معركة حطين بقيادة صلاح الدين كانت في رمضان
فرمضان شهر الانتصارات والإنجازات والتغيير على صعيد الأمة، هذا التغيير العظيم صنعه الصيام والقيام والإعداد المُحْكم والتقنية والعلمية والتطبيقية ، فرمضان شهر الإرادة.
ورمضان هو شهر الإدارة ، تنظيماً للوقت ، وترتيباً للأولويات ، وتنسيقاً لشؤون الحياة، فالصائم يبرمج يومياته لينجز أكثر ، وليصنع عملاً صالحاً، وليتحلّى بالتقوى والشكر والرشد، هذه الكلمات الثلاث : التقوى والشكر والرشد ، هي المنظومة الأخلاقية للصائم ، لذا ذُيلت آيات الصيام بقوله : لعلكم تتقون ، وقوله: ولعلكم تشكرون، وبقوله: لعلهم يرشدون، ولعل : في اللغة حرف مشبَّه بالفعل، يفيد الإعداد والتهيئة، فرمضان يعدّ فيك معنى التقوى بأوسع معانيها ، ويهيئ النفس لمقام الشكر حتى تستشعر نِعم الله عليها، ويصنع فيك رشداً ، بهذا الرَّشد تُحدِث تغييراً وتصنع مجداً وحضارة لأمتك .
أخيراً .. نحن أمام فرصة العمر ، غيِّر من نمط حياتك ، طوِّر من مهاراتك، اصنع علاقة مع الله قائمة على الديمومة ، اصحب القرآن في كلِّ ليلة ، صلّ قيام رمضان نشاطك ، احذر من الاستغراق في وسائل التواصل فإنها تقطعك عن طاعتك ، فلا وقت للتفاهة ولا لصُنَّاعها ، وكلما خلا ذهنك من التُّرهات كان أنقى وأتقى وللحفظ أبقى .
رمضان مبارك ، وكلُّ عام وأنتم إلى الله أقرب
د. منتصر عوض
رمضان فرصة للتغيير

د.منتصر عوض

Comments
    No comments
    Post a Comment
      NameEmailMessage