لماذا كانت اقرأ أول التنزيل |
الحمد لله واهب النعم قبل استحقاقها ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله
وصحبه وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين .
قيمةُ الإنسان الأمّ هي العلم ، من أجلِ ذلك كانت (اقرأ) أولَ التنزيل على قلب سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، قال تعالى : ﴿اقرَأ بِاسمِ رَبِّكَ الَّذي خَلَقَ (١) خلَقَ الإِنسانَ مِن عَلَقٍ (٢)اقرَأ وَرَبُّكَ الأَكرَمُ (٣) الَّذي عَلَّمَ بِالقَلَمِ (٤) عَلَّمَ الإِنسانَ ما لَم يَعلَم﴾ [العلق: ١-٥]. هذا السؤال الكبير: لماذا كانت (اقرأ) أولَ التنزيل؟ يفتحُ الباب أمام كلِّ ذي بصيرة ليعلمَ منزلة الإنسان في هذا الكون الفسيح ، ومكانته ومسؤوليته التي أناطها الله به ليحقق العبادة والعمارة معاً، فاللهُ تعالى خلَق الإنسان لهدف عظيم : ﴿وَما خَلَقتُ الجِنَّ وَالإِنسَ إِلّا لِيَعبُدونِ﴾ [الذاريات: ٥٦]، فالعبادةُ بأنواعها الثلاثة : الشعائرية والمجتمعية والتفكيرية هي الهدف الأسمى من خلق الإنسان مشفوعاً بالعمارة الحضارية للأرض والتراب التي منها خُلِق الإنسان:﴿هُوَ أَنشَأَكُم مِنَ الأَرضِ وَاستَعمَرَكُم فيها﴾ [هود: ٦١]، فكانت (اقرأ) أول ما تطرق سمع سيدنا محمد ﷺ ، وجبريل عليه السلام يكرِّرها ثلاثاً، والنبيُّ ﷺ يجيب : ما أنا بقارئ، فملأت آفاق الدنيا، ودوّت في الخافقين: ﴿اقرَأ بِاسمِ رَبِّكَ الَّذي خَلَقَ ﴾ [العلق: ١] .
قيمةُ الإنسان الأمّ هي العلم ، من أجلِ ذلك كانت (اقرأ) أولَ التنزيل على قلب سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، قال تعالى : ﴿اقرَأ بِاسمِ رَبِّكَ الَّذي خَلَقَ (١) خلَقَ الإِنسانَ مِن عَلَقٍ (٢)اقرَأ وَرَبُّكَ الأَكرَمُ (٣) الَّذي عَلَّمَ بِالقَلَمِ (٤) عَلَّمَ الإِنسانَ ما لَم يَعلَم﴾ [العلق: ١-٥]. هذا السؤال الكبير: لماذا كانت (اقرأ) أولَ التنزيل؟ يفتحُ الباب أمام كلِّ ذي بصيرة ليعلمَ منزلة الإنسان في هذا الكون الفسيح ، ومكانته ومسؤوليته التي أناطها الله به ليحقق العبادة والعمارة معاً، فاللهُ تعالى خلَق الإنسان لهدف عظيم : ﴿وَما خَلَقتُ الجِنَّ وَالإِنسَ إِلّا لِيَعبُدونِ﴾ [الذاريات: ٥٦]، فالعبادةُ بأنواعها الثلاثة : الشعائرية والمجتمعية والتفكيرية هي الهدف الأسمى من خلق الإنسان مشفوعاً بالعمارة الحضارية للأرض والتراب التي منها خُلِق الإنسان:﴿هُوَ أَنشَأَكُم مِنَ الأَرضِ وَاستَعمَرَكُم فيها﴾ [هود: ٦١]، فكانت (اقرأ) أول ما تطرق سمع سيدنا محمد ﷺ ، وجبريل عليه السلام يكرِّرها ثلاثاً، والنبيُّ ﷺ يجيب : ما أنا بقارئ، فملأت آفاق الدنيا، ودوّت في الخافقين: ﴿اقرَأ بِاسمِ رَبِّكَ الَّذي خَلَقَ ﴾ [العلق: ١] .
كانت (اقرأ) أول التنزيل؛ لأنَّ الله سبحانه وتعالى لمَّا خلق آدم أبا البشر
وجعله خليفته في أرضه ، وقدَّمه على الملائكة المتفرغين للعبادة ، ما فعل ذلك
إلا لأنَّ الله تعالى خصَّ آدم بقيمة العلم، فنال آدم عليه السلام
الشرف والكرامة والاستخلاف بالعلم، وفاقَ آدم عليه السلام ملائكة الرحمن
بالعلم، وتفوق آدم بالاختبار الذي عقده ربنا بينه وبين ملائكته بالعلم، لما
أخبر ربنا ملائكته بأنه يريد أن يجعل في الأرض خليفة، فنظرت الملائكة إلى
الإنسان، تأملت بحدْسها النوراني فعرفت بالقوة التي فُطرت الملائكة عليها،
فقالت :﴿ قالوا أَتَجعَلُ فيها مَن يُفسِدُ فيها وَيَسفِكُ الدِّماءَ وَنَحنُ
نُسَبِّحُ بِحَمدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قالَ إِنّي أَعلَمُ ما لا تَعلَمونَ﴾
[البقرة: ٣٠] فأجاب المولى سبحانه ملائكته بأنه يعلم بواطن الأمور
وحقائقها ما لا يعلمونه، وهو العليم الحكيم، ﴿وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسماءَ
كُلَّها﴾ [البقرة: ٣١] أراد الله سبحانه أن يظهر لملائكته فضل الإنسان
وشرفه فأظهر لهم أحسن ما فيه، وأحسنُ ما فيه العلم، فدلَّ على أنَّ العلم
أشرفُ ما في الإنسان، ولا تتحقق إنسانيته إلا بالعلم الذي يبني به مجداً
لأمته ، ويصنع به لبنة حضارية عمرانية أصيلة .
كانت (اقرأ) أولَ التنزيل لأنَّ (اقرأ) هي الطاقة التي تصنع تغييراً؛ لأنَّ (اقرأ) هي القوة التي تُظهر قدرة الإنسان؛ لأنَّ (اقرأ) هي القيمة التي تنتشل الإنسان من حضيض الماديات ليسمو في تحقيق الاستخلاف والعمارة والأمانة في دنيا الناس.
اعلموا أنَّ العلم الذي تطلبون في المدارس والجامعات إنما يحقق إنسانيتكم
لتمارس دورك في الحياة للتقرب إلى الله سبحانه وتعالى بإتقان تخصصاتكم العلمية،
حتى تكون رقْماً في صناعة التغيير، ولا تستصغرن نفسك ولا تحتقرن من العلم
شيئاً، إذا كان آدم عليه السلام تفوَّق على ملائكة الرحمن بالعلم، أفلا نتفوق
على شياطين الإنس بالعلم؟! إذا كان آدم تفوق على الملائكة بالعلم، أفلا يتفوق
الإنسان المسلم، الإنسان المتقن، الإنسان المؤمن، على شياطين الإنس بالعلم؟
فالعلم يا أُخيَّ هو جوهر كينونة الإنسان، وإذا خلا الإنسان من قيمة العلم مال
إلى قبضته الطينية ليأكل ويشرب ويتمتع كما تتمتع وتأكل الأنعام، وربنا سبحانه
وتعالى يقول: ﴿ يَرفَعِ اللَّهُ الَّذينَ آمَنوا مِنكُم وَالَّذينَ أوتُوا
العِلمَ دَرَجاتٍ وَاللَّهُ بِما تَعمَلونَ خَبيرٌ﴾ [المجادلة: ١١] ، فاللهُ
جلّ في علاه يريد أن يرفع الإنسان بالعلم والإيمان، والإنسانُ يميل إلى تلك
القبضة الطينية، والتي يوسوس له الشيطان ليل نهار، حتى يكون أسير شهواته
ونزواته ومتعه، وربنا يريد أن ينتشل الإنسان بالعلم والإيمان، هذه هي الرفعة في
الدنيا وفي الآخرة، هذه الرِّفعة لمن قرن الإيمان بالعلم؛ لأنَّ العلم عندنا
دين والدين عندنا علم، فليس هناك من فرق ولا من صراع بين العلم وبين الدين،
كالصراع الذي كان في القرون الوسطى أو في زمن التنوير يوم كان يتصدر الرويبضة
وما زال يتصدر ليتكلم بجهل صراح. كانت (اقرأ) أولَ التنزيل لأنَّ (اقرأ) هي الطاقة التي تصنع تغييراً؛ لأنَّ (اقرأ) هي القوة التي تُظهر قدرة الإنسان؛ لأنَّ (اقرأ) هي القيمة التي تنتشل الإنسان من حضيض الماديات ليسمو في تحقيق الاستخلاف والعمارة والأمانة في دنيا الناس.
إذا كان كتاب ربنا سبحانه وتعالى وسنة نبينا عليه الصلاة والسلام يعتبران العلم عبادة وفريضة، فكيف لك أن تتقرب إلى الله من غير علم، سواء كان علم دين أم علم دنيا، سواء كان علماً مصدره الوحي أو كان علماً مصدره الكون، لأنَّ الوحي هو أمر الله، ولأنَّ الكون هو خلق الله سبحانه .
هل من فرق بين الأمر وبين الخلق ﴿ أَلا لَهُ الخَلقُ وَالأَمرُ تَبارَكَ اللَّهُ رَبُّ العالَمينَ﴾ [الأعراف: ٥٤] ؟ هل يُعقل أن يكون هناك من فرق أو صراع بين الخلق يعني: الكون ، وبين الأمر يعني: الوحي، مَن يقول هذا فهو في قِمة الجهل؛ لأنَّ الخلق والأمر لله سبحانه.
(اقرأ) كلمة ينبغي أن تتجذر في قلوب وعقول أبنائنا حتى تترك أثراً من ورائك، إذا شاعت ثقافة (اقرأ) فلن تجد مكاناً للجُهال الذين ينشرون الخرافة والهبل باسم الدين على عقول الناس ويستمتعون ويفرحون، وهناك مَن يصفق لهم وهم ينشرون الخرافة ،ويستصغرون عقول الناس باسم الدين.
لقد آن الأوان أن تصحو العقول لترفض كلَّ هؤلاء الدجاجلة، لأنَّ هذا العلم دين، فلا تبع عقلك لأحد، لأنَّ الله تعالى كرَّمك بالعقل وبالاختيار وبالعلم، اقرأ وتفكر، وابحث بنفسك وراجع وكرِّر الفكرة واسأل وتعلَّم، فأنت بهذا إنسان، ولو سُلبتْ قيمة العلم عن الإنسان لفقد إنسانيته، ولكان إمِّعة كالرَّعاع لا يعي ما يُلقى في أذنيه.
اللهَ أسأل سبحانه وتعالى أن تكون (اقرأ) منهجاً في حياتنا، أن تكون (اقرأ) فسيلة نغرسها في قلوب وعقول أبنائنا حتى نصنع شيئاً قبل أن نغادر الحياة. (1)
________________________
(1) المصادر: "التحرير والتنوير" للطاهر بن عشور، "فلسفة التربية الإسلامية" د.
ماجد عرسان الكيلاني ، مؤلفات د. محمد محمد أبو موسى .